كتاب: الحاوي في تفسير القرآن الكريم

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الحاوي في تفسير القرآن الكريم



ولما تقدم وما زعمته الشيعة من أنها رضي الله تعالى عنها كانت هي التي تحرض الناس على قتل عثمان وتقول: اقتلوا نعثلًا فقد فجر تشبهه بيهودي يدعى نعثلًا حتى إذا قتل وبايع الناس عليًا قالت: ما أبالي أن تقع السماء على الأرض قتل والله مظلومًا وأنا طالبة بدمه فذكرها عبيد بما كانت تقول فقالت: قد والله قلت وقال الناس فأنشد:
فمنك البداء ومنك الغير ** ومنك الرياح ومنك المطر

وأنت أمرت بقتل الإمام ** وقلت لنا إنه قد فجر

كذب لا أصل له وهو من مفتريات ابن قتيبة وابن أعثم الكوفي والسمساطي وكانوا مشهورين بالكذب والافتراء، ومثل ذلك في الكذب زعمهم أنها رضي الله تعالى عنها ما خرجت وسارت إلى البصرة إلا لبغض علي كرم الله تعالى وجهه فإنها لم تزل تروي مناقبه وفضائله؛ ومن ذلك ما رواه الديلمي أنها قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «حب على عبادة» وقالت بعد وقوع ما وقع: والله لم يكن بيني وبين علي إلا ما يكون بين المرأة وأحمائها. وقد أكرمها علي كرم الله تعالى وجهه وأحسن مثواها وبالغ في احترامها وردها إلى المدينة ومعها جماعة من نساء أعيان البصرة عزيزة كريمة، وهذا مما يرد به على الرافضة الزاعمين كفرها وحاشاها بما فعلت، وما روي عن الأحنف بن قيس من أن عليًا كرم الله تعالى وجهه لما ظهر على أهل الجمل أرسل إلى عائشة أن ارجعي إلى المدينة فأبت فأعاد إليها الرسول وأمره أن يقول لها: والله لترجعن أو لأبعثن إليك نسوة من بكر بن وائل معهن شفار حداد يأخذنك بها فلما رأت ذلك خرجت لا يعول عليه وإن قيل: إنه رواه أبو بكر بن أبي شيبة في المصنف لمخالفته لما رواه الأوثق حتى كاد يبلغ مبلغ التواتر، هذا ولا يعكر على القول بجواز الخروج للحج ونحوه ما أخرجه عبد بن حميد. وابن المنذر عن محمد بن سيرين قال: ثبت أنه قيل لسودة رضي الله تعالى عنها زوج النبي صلى الله عليه وسلم: ما لك لا تحجين ولا تعتمرين كما يفعل أخواتك؟ فقالت: قد حججت واعتمرت وأمرني الله تعالى أن أقر في بيتي فوالله لا أخرج من بيتي حتى أموت قال: فوالله ما خرجت من باب حجرتها حتى أخرجت جنازتها لأن ذلك مبني على اجتهادها كما أن خروج الأخوات مبني على اجتهادهن، نعم أخرج أحمد عن أبي هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لنسائه عام حجة الوداع: «هذه ثم لزوم الحصر» قال: فكان كلهن يحججن إلا زينب بنت جحش. وسودة بنت زمعة وكانتا تقولان: والله لا تحركنا دابة بعد أن سمعنا ذلك من رسول الله صلى الله عليه وسلم، والمراد بقوله عليه الصلاة والسلام: هذه الخ أنكن لا تعدن تخرجن بعد هذه الحجة من بيوتكن وتلزمن الحصر وهو جمع حصير الذي يبسط في البيوت من القصب وتضم الصاد وتسكن تخفيفًا وهو في معنى النهي عن الخروج للحج فلا يتم ما ذكر أولًا ويشكل خروج سائر الأزواج لذلك.
وأجيب بأن الخبر ليس نصًا في النهي عن الخروج للحج بعد تلك الحجة وإلا لما خرج له سائر الأزواج الطاهرات من غير نكير أحد من الصحابة رضي الله تعالى عنهم عليهن بل جاء أن عمر رضي الله تعالى عنه أرسلهن للحج في عهده وجعل معهن عثمان. وعبد الرحمن بن عوف وقال لهما: إنكما ولدان باران لهن فليكن أحدكما قدام مراكبهن والآخر خلفها ولم ينكر أحد فكان إجماعًا سكوتيًا على الجواز فكأن زينب. وسودة فهما من الخبر قضيت هذه الحجة أو أبيحت لكن هذه الحجة بخصوصهما ثم الواجب بعدها عليكن لزوم البيوت فلم يحجا بعد لذلك، وغيرهما فهم منه المناسب لكن أو اللائق بكن هذه الحجة أي جنسها أو هذه الحالة من السفر للحج أو لأمر ديني مهم ثم بعد الفراغ المناسب أو اللائق لزوم البيوت فيكون مفاده إباحة الخروج لذلك، ومن أنصف لا يكاد يقول بإفادة الخبر الأمر بلزوم البيوت والنهي عن الخروج منها مطلقًا بعد تلك الحجة بخصوصها فإن النبي صلى الله عليه وسلم مرض في بيت عائشة رضي الله تعالى عنها وبقي مريضًا فيه حتى توفي عليه الصلاة والسلام ولا يكاد يشك أحد في خروج سائرهن لعيادته أو يتصور استقرارهن في بيوتهن غير بالين شوقهن برؤية طلعته الشريفة حتى توفي صلى الله عليه وسلم فإن مثل ذلك لا يفعله أقل النساء حبًا لأزواجهن الذين لا قدر لهم فكيف يفعله الأزواج الطاهرات مع رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو هو وحبهن له حبهن.
ثم إن الجواب المذكور إنما يحتاج إليه بعد تسليم صحة الخبر ويحتاج الجزم بصحته إلى تنقير ومراجعة فلينقر وليراجع والله تعالى أعلم.
{وَقَرْنَ في وَءاتِينَ الزكواة} أمرن بهما لا نافتهما على غيرهما وكونهما أساس العبادات البدنية والمالية.
{وَأَطِعْنَ الله وَرَسُولَهُ} أي في كل ما تأتين وتذرن لاسيما فيما أمرتن به ونهيتن عنه.
{إِنَّمَا يُرِيدُ الله لِيُذْهِبَ عَنكُمُ الرجس أَهْلَ البيت وَيُطَهّرَكُمْ تَطْهِيرًا} استئناف بياني مفيد تعليل أمرهن ونهيهن، والرجس في الأصل الشيء القذر وأريد به هنا عند كثير الذنب مجازًا، وقال السدي: الإثم.
وقال الزجاج: الفسق وقال ابن زيد: الشيطان، وقال الحسن: الشرك، وقيل: الشك، وقيل: البخل والطمع، وقيل: الأهواء والبدع، وقيل: إن الرجس يقع على الإثم وعلى العذاب وعلى النجاسة وعلى النقائص، والمراد به هنا ما يعم كل ذلك، ولا يخفى عليك ما في بعض هذه الأقوال من الضعف، وأل فيه للجنس أو للاستغراق، والمرادب التطهير قيل التحلية بالتقوى، والمعنى على ما قيل إنما يريد الله ليذهب عنكم الذنوب والمعاصي فيما نهاكم ويحليكم بالتقوى تحلية بليغة فيما أمركم، وجوز أن يراد به الصون، والمعنى إنما يريد سبحانه ليذهب عنكم الرجس ويصونكم من المعاصي صونًا بليغًا فيما أمر ونهى جل شأنه.
واختلف في لام {لِيُذْهِبَ} فقيل زائدة وما بعدها في موضع المفعول به ليريد فكأنه قيل: يريد الله إذهاب الرجس عنكم وتطهيركم، وقيل: للتعليل ثم اختلف هؤلاء فقيل المفعول محذوف أي إنما يريد الله أمركم ونهيكم ليذهب أو إنما يريد منكم ما يريد ليذهب أو نحو ذلك، وقال الخليل وسيبويه ومن تابعهما: الفعل في ذلك مقدر بمصدر مرفوع بالابتداء واللام وما بعدها خبر أي إنما إرادة الله تعالى للإذهاب على حد ما قيل في تسمع بالمعيدي خير من أن تراه فلا مفعول للفعل، وقال الطبرسي: اللام متعلق بمحذوف تقديره وإرادته ليذهب وهو كما ترى، وهذا الذي ذكروه جار في قوله تعالى: {يُرِيدُ الله لِيُبَيّنَ لَكُمْ} [النساء: 6 2] و{أَمْرُنَا لِنُسْلِمَ لِرَبّ العالمين} [الأنعام: 1 7] وقول الشاعر:
أريد لأنسى ذكرها فكأنما ** تمثل لي ليلى بكل مكان

ونصب {أَهْلُ} على النداء، وجوز أن يكون على المدح فيقدر أمدح أو أعني، وأن يكون على الاختصاص وهو قليل في المخاطب ومنه بك الله نرجو الفضل، وأكثر ما يكون في المتكلم كقوله:
نحن بنات طارق ** نمشي على النمارق

وأل في البيت للعهد، وقيل: عوض عن المضاف إليه أي بيت النبي صلى الله عليه وسلم والظاهر أن المراد به بيت الطين والخشب لا بيت القرابة والنسب وهو بيت السكنى لا المسجد النبوي كما قيل، وحينئذٍ فالمراد بأهله نساؤه صلى الله عليه وسلم المطهرات للقرائن الدالة على ذلك من الآيات السابقة واللاحقة مع أنه عليه الصلاة والسلام ليس له بيت يسكنه سوى سكناهن، وروى ذلك غير واحد، أخرج ابن أبي حاتم. وابن عساكر من طريق عكرمة عن ابن عباس رضي الله تعالى عنهما نزلت {أَنَّمَا يُرِيدُ الله} الخ في نساء النبي صلى الله عليه وسلم خاصة، وأخرج ابن مردويه من طريق ابن جبير عنه ذلك بدون لفظ خاصة، وقال عكرمة من شاء باهلته أنها نزلت في أزواج النبي صلى الله عليه وسلم، وأخرج ابن جرير. وابن مردويه عن عكرمة أنه قال في الآية: ليس بالذي تذهبون إليه إنما هو نساء النبي صلى الله عليه وسلم.
وروى ابن جرير أيضًا أن عكرمة كان ينادي في السوق أن قوله تعالى: {إِنَّمَا يُرِيدُ الله لِيُذْهِبَ عَنكُمُ الرجس أَهْلَ البيت} نزل في نساء النبي عليه الصلاة والسلام، وأخرج ابن سعد عن عروة {لِيُذْهِبَ عَنكُمُ الرجس أَهْلَ البيت} قال: يعني أزواج النبي صلى الله عليه وسلم وتوحيد البيت لأن بيوت الأزواج المطهرات باعتبار الإضافة إلى النبي صلى الله عليه وسلم بيت واحد وجمعه فيما سبق ولحق باعتبار الإضافة إلى الأزواج المطهرات اللاتي كن متعددات وجمعه في قوله سبحانه الآتي إن شاء الله تعالى: {يا أَيُّهَا الذين ءامَنُواْ لاَ تَدْخُلُواْ بُيُوتَ النبى إِلاَّ أَن يُؤْذَنَ لَكُمْ} [الأحزاب: 3 5] دفعًا لتوهم إرادة بيت زينب لو أفرد من حيث إن سبب النزول أمر وقع فيه كما ستطلع عليه إن شاء الله تعالى، وأورد ضمير جمع المذكر في {عَنْكُمْ} و{يطهركم} رعاية للفظ الأهل.
والعرب كثيرًا ما يستعملون صيغ المذكر في مثل ذلك رعاية للفظ وهذا كقوله تعالى خطابًا لسارة: امرأة الخليل عليهما السلام {أَتَعْجَبِينَ مِنْ أَمْرِ الله رَحْمَتُ الله وبركاته عَلَيْكُمْ أَهْلَ البيت إِنَّهُ حَمِيدٌ} [هود: 3 7] ومنه على ما قيل قوله سبحانه: {قَالَ لاِهْلِهِ لاِهْلِهِ إِنّى آنَسْتُ نَارًا} [القصص: 9 2] خطابًا من موسى عليه السلام لامرأته.
ولعل اعتبار التذكير هنا أدخل في التعظيم، وقيل: المراد هو صلى الله عليه وسلم ونساؤه المطهرات رضي الله تعالى عنهن وضمير جمع المذكر لتغليبه عليه الصلاة والسلام عليهن.
وقيل: المراد بالبيت بيت النسب ولذا أفرد ولم يجمع كما في السابق واللاحق.
فقد أخرج الحكيم الترمذي. والطبراني. وابن مردويه. وأبو نعيم. والبيهقي معًا في الدلائل عن ابن عباس رضي الله تعالى عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إن الله تعالى قسم الخلق قسمين فجعلني في خيرهما قسمًا فذلك قوله تعالى: {وأصحاب اليمين} [الواقعة: 27] {وأصحاب الشمال} [الواقعة: 41] فأنا من أصحاب اليمين وأنا خير أصحاب اليمين ثم جعل القسمين أثلاثًا فجعلني في خيرها ثلثًا فذلك قوله تعالى: {وأصحاب المشئمة مَا أصحاب المشئمة والسابقون السابقون} [الواقعة: 9، 0 1] فأنا من السابقين وأنا خير السابقين ثم جعل إلا ثلاث قبائل فجعلني في خيرها قبيلة وذلك قوله تعالى: {وجعلناكم شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لتعارفوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عَندَ الله أتقاكم} [الحجرات: 3 1] وأنا أتقي ولد آدم وأكرمهم على الله تعالى ولا فخر ثم جعل القبائل بيوتًا فجعلني في خيرها بيتًا فذلك قوله تعالى: {إِنَّمَا يُرِيدُ الله لِيُذْهِبَ عَنكُمُ الرجس أَهْلَ البيت وَيُطَهّرَكُمْ تَطْهِيرًا} أنا وأهل بيتي مطهرون من الذنوب» فإن المتبادر من البيت الذي هو قسم من القبيلة البيت النسبي، واختلف في المراد بأهله فذهب الثعلبي إلى أن المراد بهم جميع بني هاشم ذكورهم وإناثهم، والظاهر أنه أراد مؤمني بني هاشم وهذا هو المراد بالآل عند الحنفية، وقال بعض الشافعية: المراد بهم آله صلى الله عليه وسلم الذين هم مؤمنو بني هاشم. والمطلب، وذكر الراغب أن أهل البيت تعورف في أسرة النبي صلى الله عليه وسلم مطلقًا وأسرة الرجل على ما في القاموس رهطه أي قومه وقبيلته الأدنون، وقال في موضع آخر: صار أهل البيت متعارفًا في ءاله عليه الصلاة والسلام، وصح عن زيد ابن أرقم في حديث أخرجه مسلم أنه قيل له: من أهل بيته نساؤه صلى الله عليه وسلم؟ فقال: لا أيم الله إن المرأة تكون مع الرجل العصر من الدهر ثم يطلقها فترجع إلى أبيها وقومها أهل بيته أصله وعصبته الذين حرموا الصدقة بعده صلى الله عليه وسلم، وفي آخر أخرجه هو أيضًا مبين هؤلاء الذي حرموا الصدقة أنه قال: هم آل علي. وآل عقيل. وآل جعفر. وآل عباس، وقال بعض الشيعة: أهل البيت سواء أريد به البيت المدر والخشب أم بيت القرابة والنسب عام، أما عمومه على الثاني فظاهر، وأما على الأول فلأنه يشمل الإماء والخدم فإن البيت المدري يسكنه هؤلاء أيضًا وقد صح ما يدل على أن العموم غير مراد.
أخرج الترمذي والحاكم وصححاه وابن جرير وابن المنذر وابن مردويه والبيهقي في سننه من طرق عن أم سلمة رضي الله تعالى عنها قالت في بيتي نزلت إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت وفي البيت فاطمة وعلى. والحسن. والحسين فجللهم رسول الله صلى الله عليه وسلم بكساء كان عليه ثم قال: «هؤلاء أهل بيتي فاذهب عنهم الرجس وطهرهم تطهيرًا».
وجاء في بعض الروايات أنه عليه الصلاة والسلام أخرج يده من الكساء وأومأ بها إلى السماء وقال: «اللهم هؤلاء أهل بيتي وخاصتي فاذهب عنهم الرجس وطهرهم تطهيرًا ثلاث مرات».
وفي بعض آخر أنه عليه الصلاة والسلام ألقى عليهم كساء فدكيًا ثم وضع يده عليهم ثم قال: «اللهم إن هؤلاء أهل بيتي وفي لفظ آل محمد فاجعل صلواتك وبركاتك على آل محمد كما جعلتها على آل إبراهيم إنك حميد مجيد».
وجاء في رواية أخرجها الطبراني عن أم سلمة أنها قالت: فرفعت الكساء لأدخل معهم فجذبه صلى الله عليه وسلم من يدي وقال: إنك على خير، وفي أخرى رواها ابن مردويه عنها أنها قالت ألست من أهل البيت؟ فقال صلى الله عليه وسلم: «إنك إلى خير إنك من أزواج النبي صلى الله عليه وسلم» وفي آخرها رواها الترمذي.
وجماعة عن عمر بن أبي سلمة ربيب النبي عليه الصلاة والسلام قال: قالت أم سلمة وأنا معنم: يا نبي الله قال: أنت على مكانك وإنك على خير، وأخبار إدخاله صلى الله عليه وسلم عليًا وفاطمة وابنيهما رضي الله تعالى عنهم تحت الكساء، وقوله عليه الصلاة والسلام «اللهم هؤلاء أهل بيتي» ودعائه لهم وعدم إدخال أم سلمة أكثر من أن تحصى، وهي مخصصة لعموم أهل البيت بأي معنى كان البيت فالمراد بهم من شملهم الكساء ولا يدخل فيهم أزواجه صلى الله عليه وسلم، وقد صرح بعدم دخولهن من الشيعة عبد الله المشهدي وقال المراد من البيت بيت النبوة ولا شك أن أهل البيت لغة شامل للأزواج بل للخدام من الإماء اللائي يسكن في البيت أيضًا: وليس المراد هذا المعنى اللغوي بهذه السعة بالاتفاق فالمراد به آل العباء الذين خصصهم حديث الكساء وقال أيضًا: إن كون البيوت جمعًا في {بُيُوتِكُنَّ} وإفراد البيت في {أَهْلَ البيت} يدل على أن بيوتهن غير بيت النبي صلى الله عليه وسلم. اهـ.
وفيه ما ستعلمه إن شاء الله تعالى. وقيل المراد بالبيت بيت السكنى وبيت النسب وأهل ذلك أهل كل من البيتين وقد سمعت ما قيل فيه وفيه الجمع بين الحقيقة والمجاز.
وقال بعض المحققين: المراد بالبيت بيت السكنى وأهله على ما يقتضيه سياق الآية وسباقها والأخبار التي لا تحصى كثرة ويشهد له العرف من له مزيد اختصاص به إما بالسكنى فيه مع القيام بمصالحه وتدبير شأنه والاهتمام بأمره وعدم كون الساكن في معرض التبدل والتحول بحكم العادة الجارية من بيع وهبة كالأزواج أو بالسكنى فيه كذلك بدون ملاحظة القيام بالمصالح كالأولاد أو بقرابة من صاحبه تقضي بحسب العادة بالتردد إليه والجلوس فيه من غير طلب من صاحبه لذلك أو بعدم المنع من ذلك فالأولاد الذين لا يسكنونه وكأولادهم وإن نزلوا وكالأعمام وأولاد الأعمام وعلى هذا يحصل الجمع بين الأخبار وقد سمعت بعضها كحديث الكساء ولا دلالة فيه على الحصر، وكالحديث الحسن أنه صلى الله عليه وسلم اشتمل على العباس وبنيه بملاءة ثم قال: يا رب هذا عمي وصنو أبي وهؤلاء أهل بيتي فاسترهم من النار كستري إياهم بملاءتي هذه فأمنت أسكفة الباب وحوائط البيت فقالت آمين ثلاثًا.